
الزواج والعلاقات الانسانية تنازع تحت رحمة السباق الاقتصادي
🔹"في الوقت الذي نما فيه الامن المجتمعي، قلّ أمنُ الفرد -الإقتصادي- واذا كانت الحياة الجسدية اكثر أمناً مما كانت، فالحياة الإقتصادية مثقلة بألف مشكلة معقدة مما يجعل الخطر جاثما كل لحظة".
📕 يلخص وِل ديورانت (مؤرخ الفلسفلة الشهير) في كتابه مباهج الفلسفة -الذي ألّفه في بدايات القرن السابق- مشكلة من مشاكل العصر الحديث، عصر المُدن الصناعية.
📖 ويسترسلُ قائلاً: "يُقبِل الحب على قلب الشاب فلا يجرؤ على الزواج وجيوبه صفرٌ من المال، ثم يطرق الحب باب قلبه مرةً اخرى بعد عدة سنوات وقد صار اكثر ضعفاً ومع ذلك لم تمتلئ الجيوب بما يكفي الزواج..! ثم يقبل الحب مرة اخرى بعد عدة سنوات وهو أضعف حيوية وقوة عما كان من قبل فيجد الجيوب عامرة، فيحتفل الزواج بموت الحب"
💍 يرى ديورانت أن خشية الإنسان هذه من "التورط" بزوجة او عائلة لا يستطيع تغطية نفقاتها يذبح الحب والزواج والمشاعر الإنسانية على مسلخ العمل والوظيفة.
📈 هذه المشكلة التي عاصرها ديورانت، يبدو أنها تفاقمت اليوم بعد مرور ما يقارب القرن من الزمن اذ أن الحياة الإقتصادية للإنسان الغربي لم تعد مجرد عامِل خوف يجعله يتردد ويهمل جوانب حياته الاخرى، بل إنه تطبّع بها وصار إنساناً إقتصادياً بامتياز، يحسب حساب كل جانب من حياته بحسابات الربح والخسارة.
🌆 فهو يرى عجلة المدينة التي تدور بسرعة فائقة نحو مزيدٍ من التقدم المالي لا تنتظر من يتخلّف او ينشغل عنها بأي شاغِل -سواءً بزوجة او طفل- وبعملية حسابية إقتصادية بحتة يُدرك أن الوقت والجهد اللذين سيصرفهما على زوجته وعائلته إن كوّنهما، لو صرفه على عمله لاستطاع ان يواكب حركة التطور وأن يبقى ضمن حلبة السباق.
📑 لهذا نجد في إحدى الدراسات التي أقيمت حديثاً في الولايات المتحدة الامريكية أن حوالي نصف الشباب الذين اعمارهم اقل من 30 سنة (47%) يعيشون وحيدين واذا كانوا في زمن ديورانت يطرق الحب بابهم ثم تخيفهم عجلة الإقتصاد، صاروا اليوم لا يرغبون في الحب والزواج اصلا، فبحسب الدراسة حوالي 57% من هؤلاء الوحيدين لا يرغبون الدخول بأي علاقة عاطفية او جنىسية أياً كانت ولأسبابٍ مختلفة من أهمها أن لديهم أولويات اخرى.
المصدر 1 : مباهج الفلسفة، وِل ديورانت (ص ٢٢٣ - ٢٢٤)
المصدر 2