"أينما وطئت قدم الأوربيين مكانا، يبدو أنَّ الموت سيلاحق السكان الأصليين لهذا المكان!" تشارلز داروين

بعيدا عن نظريته في التطور، فأن داروين يمكن الحديث عنه بوصفه رحالة، يروي لنا من تاريخ الأمم التي زارها، وكان من ذلك، قرية تدعى باثيرست على مسافة من سيدني في أستراليا.

يتحدث داروين عن السكان هناك، يقول كانت ملامحهم تنم عن خفة الظل والبشاشة، وبدوا أبعد ما يكون عن تلك المخلوقات شديدة الانحطاط التي عادةً ما يمثلونها لنا [حين يصفون لنا تلك الشعوب]، كان من الممكن أن تجد وسط هذا الشعب المتحضر مجموعة من الهمج غير المؤذين، أخذت مجموعة منهم تلعب بالسهم محاولين تسليتي، وكانت مهاراتهم محل اعجاب؛ فقد قاموا بطعن قلنسوة مثبتة على مسافة ثلاثين ياردة برمح، ألقوه بعصا رمي بسرعة تضاهي سرعة سهم من قوس رامي محنك!"

بعدها يتحدث عن تناقص عدد هؤلاء السكان تدريجيا مع الزمن، يقول: "يبدو أنَّ ثمة قوة غامضة لها تأثير ما، فأينما وطئت قدم الأوربيين مكانًا، يبدو أنَّ الموت سيلاحق السكان الأصليين لهذا المكان! ويمكننا إلقاء نظرة على الامتداد الشاسع للأمريكيتين، وبولينزيا ورأس الرجاء الصالح وأستراليا، ونجد النتيجة نفسها، كان من المحزن أن تسمع في نيوزيلندا السكان الأصليين الرائعين ذوي الهمة والحيوية يقولون إنهم يعرفون أن الأرض مقدر لها أن تضيع من أبنائهم"

بعدها ينقل داروين قولا للقس جيه وليامز: "إن التعامل الأول بين السكان الأصليين والأوروبيين مصحوب دوما بدخول الحمى والدخان أو أي أمراض أخرى تودي بحياة عدد كبير من الأفراد" ويؤكد مجددا "أنها حقيقة مؤكدة لا يمكن أنكارها أنَّ أغلب الأمراض التي تفشت في الجزر أثناء اقامتي بها نُقِلت عبر السفن" إذ تعمد الدول الغربية إلى استخدام الأوبئة لابادة السكان احيانا، وبدلا عن القتل المباشر عسكريا.

رحلة عالم طبيعة حول العالم كتاب لتشارلز داروين ص 506-508.