
علمنة الموت: ازدياد ظاهرة حرقة الموتى بدل الدفن في فرنسا فما هو السبب؟
📊شهدت فرنسا في العقود الأخيرة تحولا كبيرا في طريقة تعاملها مع الموت، حيث لم يعد الموت حدثا يحمل البعد الروحي ذاته الذي كان يميزه سابقا، ففي مجتمع يسير بسرعة بات الموت مسألة يجب التعامل معها بأقل تكلفة وأقصى سرعة بعيدا عن الطقوس التقليدية التي كانت تمنحه معنى يتجاوز كونه مجرد نهاية بيولوجية، نحن هنا أمام نفس المعيار العلماني يطبق على الموت أيضا وهو معيار الوصول إلى أعلى كفاءة بغض النظر عن الأبعاد الروحية والأخلاقية.
🔽أحد أبرز مظاهر هذا التحول هو التراجع الحاد في الدفن التقليدي مقابل ارتفاع معدلات الحرق. في السبعينيات، لم يكن سوى 1% من الفرنسيين يختارون الحرق بدلا من الدفن، أما اليوم فقد قفزت النسبة إلى 45%، وفقًا للاتحاد الفرنسي لحرق الجثث ومن المتوقع أن تتجاوز 50% بحلول عام 2030. يعكس هذا التغيير توجها نحو "حلول أكثر استدامة"، حيث يُنظر إلى الحرق على أنه أرخص وأسرع وأقل عبئا بيئيا من الدفن التقليدي.(1)
⚠️كذلك بات الموت أكثر عزلة عن المجال العام، حيث أصبح يُنظر إليه كمسألة خاصة يجب التعامل معها بعيدا عن الأنظار فعدد وفيات المنازل انخفض بشكل حاد فصار معظم الفرنسيين يُتوفون في المستشفيات أو دور الرعاية مما قلل من المواجهة المباشرة للموت داخل العائلات والممارسات الحديثة تُركز على "تجنيب" المجتمع مشاهد الحداد الطويلة وبدأت مفاهيم جديدة في الظهور مثل "التسميد البشري" والغابات التذكارية، حيث يتم تحويل رفات الموتى إلى سماد لزرع الأشجار في محاولة لجعل الموت جزءًا من دورة الطبيعة بدلا من التعامل معه كحدث مقدس.
💬نحن هنا أمام ما يقوله الفرنسي ريجيس ديبراي في كتابه القرن الأخضر: "إن الرغبة في "تنظيف" الموت من أبعاده الميتافيزيقية تعكس محاولة الحداثة لفصل الإنسان عن أي صلة بماضيه الطقوسي. لم يعد هناك مجال للبكاء الطويل أو الطقوس المهيبة، بل مجرد إجراء تقني يهدف إلى التخلص من الجثة بأقل قدر ممكن من الإزعاج"(2)
المصدر2⃣ Le siècle vert، Régis Debray
#Real_misc
#Real_ideo
#الواقع_360